لقد كانت جزيرة كريت عماد الحياة الروحية والثقافية والدينية لليونان القديمة, ومن المعروف أن كريت هذه تقع فى البحر المتوسط. وخلال الألفين الثالث والثانى قبل الميلاد لم تكن الثقافة الإغريقية منفصلة عن ثقافات الشرق الأخرى, ولكن كريت عاشت فى أواسط الألف الثانى ق. م. طور انحطاط لا تزال أسبابه غامضة حتى الآن. وحسب بعض المؤرخين لأن الجزيرة قد تعرضت لكارثة ما, ولكن قد تكون هناك أسباب أخرى, بيد أنه فى الأحوال كلها وجد سكان الجزيرة أنفسهم عاجزين عن التصدى للغزاة الذين جاؤوا بلادهم من شبه جزيرة البلفان, فحمل الآخيون ثقافتهم وديانتهم إلى كريت.
ومع أن التمازج حدث فى ميادين شتى, إلا أن المؤرخين والشعراء بالغوا فى تقويم دوره, فقد تجاهلوا واقع الاستيلاء نفسه ووصفوا تاريخ الثقافة اليونانية بصفته عصرا واحدا ملك خلاله الملك الخرافى "مينوس", فكان مينوس فى تاريخ اليونان ملكا وإلها, وبقد قام ببناء دولة بحرية كبرى وبسط سلطانه على جزر وشبه جزر شرقى البحر المتوسط بل يفترض بعض المؤرخين أن نفوذه امتد ليشمل صقلية أيضا.
وللأسف لا تتوفر مصادر مكتوبة فى تاريخ كريت إلا من زمن الاحتلال الآخى وما لحقه, فنظام الكتابة الكريتى قبل ذلك لا يزال لغزا عصيا على العلماء. ولقد امتد العصر الآخى فى تاريخ اليونان من العام 1500 حتى العالم 1100 قبل الميلاد, أما ما قبل هذا التاريخ فهو زمن الملك مينوس, وعليه فقد كان لدى الإغريق دينان وهما: الدين المينوسى, والدين الآخى.
ومثله مثل الأديان الأخرى فى العالم القديم, كان الدين المينوسى دينا بدائيا, فالإله الرئيس هو الإله زيوس أب الملوك ورب الأرباب, وحاكم جزيرة كريت, وهو والد الملك مينوس, والملك سربيدون, والملك رادامانثوس الذين أنجبتهم له الأميرة الكنعانية أوروبا. وتحكى الأسطورة أن زيوس كان قد تخفى فى صورة ثور ومضى خلف الأميرة إلى بلاد الكنعانيين خائضا غمار مغامرة صعبة من البحر الهائج, ولكنه نجح فى نهاية المطاف, فخطف الأميرة أوروبا وحملها إلى كزيرة كريت سليمة معافاة. وحسب الأساطير أن السلطة الملكية المقدسة والبنية الأولى للدولة خرجتا من اتحاد الإله -الثور والإلهة- البقرة, فقد ولد من ذاك الاتحاد ملك, وكانت سلطته مقدسة, ولكن لتسع سنوات فقط. أما بعد ذلك فقد كان ينبغى ترسيخ صلاحيات الملك, ولم يكن بمقدور أحد أن يفعل ذلك سوى الإله, وقد استمرت الفترة الثانية من حكم الملك عشر سنوات.
والثور كما هو معروف رمزا للخصوبة, والخصوبة هى مصدر الحياة بالمعنى الحرفى للكلمة, ولذلك كانت صور الثور مرسومة فى كل مكان: على الجدران, والأختام, والأبواب, و... وظهرت فى تلك اللوحات مشاهد مصارعة الثيران, فيبدو المصارعون على ظهور الثيران وقرونها يؤدون مختلف ضروب الحركات البهلوانية بينما تندفع الثيران مسعورة.
ولم تكن الثيران الحقيقية هى التى تظهر فى شعائر الزواج الطقوسى للإلهة - الأم, بل المصارعون.
أما دور الإله - الأم, فقد كانت تؤديه كاهنات آسرات الجمال. وقد ظهرت صورهن على اللوحات الجداية وهن عاريات الصدور, لكنهن يرتدين تنانير تغطى أقدامهن, وهذا ما يجعل مبدأ أسطورة المينوتافروس مفهوما, فقد كان هذا انسانا - ثورا عاش فى اللابيرينتيوم (التيه) وفرض أن تقد له ضحايا فتيانا وفتيات ليفترسهم, ولكن الأمير الشاب ثيسيوس قد خلص أثينا من تلك الاتاوة المذلة, إذ قتل الوحش.
لقد كانت الإلهة الأم هى الشخصية الإلهية الرئيسية فى كريت المينوية, إنها إلهة الخصب, ولكن تكن هذه سيدة الطبيعة البرية وحسبت, بل وسيدة ساكنى عالم البرية كلهم, فرسموا صورتها فوق قمة جبل عادة, رامزين بذلك إلى سموها فوق هذا العالم كله. أما الملك فهو على الرغم من منشئه الإلهى, إلا أنهم رسموا صورته عند سفح الجبل الذى تقيم الإلهة الام فوق قمته, عداك عن هذا أنهم رسموا صورة الملك منبطحا على الأرض.
وبعد أن قهر الآخيون الهلينيين, تعاملوا معهم بعقلانية تثير الإعجاب: حيث لم يمسوا ثقافتهم أو ديانتهم بأى أذى, بل اعتنق المسعتمرون عمليا ديانة المستعمرين, بيد أن أشياء كثيرة أعيد النظر فيها جذريا مع أنه لم يطرأ عليها أى تبديل يذكر من حيث الشكل. وهذا أمر طبيعى, لأن كان للآخيين أيضا آلهة, وكان العزوف عنهم أمرا فيه الكثير من "نكران الجميل", زد على ذلك أن هؤلاء الآلهة لم يكونوا دائما يشبهون آلهة الإغريق, أم لم يكن من السهل بتديل اسم الإله إلى اسم آخر (إغريقى) والإبقاء على وظائف عينها.
فالإله الآخى الأكبر ديفا لم يكن مماثلا لزيوس ولكنه من حيث وظائفه كان بشبه كثيرا الإله - الثور, إله الديانة الكريتية القبل الآخية. وكان إلهة الخصب ديفينيا هى زوجة ديفا. وفيما بد نقلت هاتان الوظيفتان فى اليونان إلى عدد من الإلهات, ففى كريت حملتها الإلهة "بريتومارتيس" ودعيت أيضا باسم ديكتينا, وكان لهذين الزوجين الإلهيين الساميين ابن يدعى "ديونيسيوس" إله الخصب وزراعة الكرمة, ولم يتحول الإله بوسيدون فورا إلى إله البحار, فقد كان اسمه قبل ذلك "بوسيداو" كان كان ثمة إلهة تدعى بوسيديو, وآخرى باسم "أيمايا" وكانت هذه نظيرة الإله "هرمس" إله التجارة.
كما كان هناك إله الحرب "أريس" الذى كان اسمه قبل ذلك إينيال, ولا شك فى أن هذه التفاصيل غير مهمة بالنسبة إلينا, فالواضح أمر واحد: مع اندماج الشعبين كان يندمج آلهتهما أيضا ويتحولون, ولكن التوافق التام فى عضون ذلك بين هؤلاء الآلهة وأولئك كان أمرا مستحيلا. فالآخيون مثلا لم يفارقوا بعض آلهتهم البلقانيين الذين يم يكن لدى الإغريق نظراء لهم, ومع ذلك تحول هؤلاء فيما بعد إلى آلهة عظام سكنوا الأولمب. ومن الملائم أن ننوه هنا إلى أن جبل إيدا فى كريت كان يدعى بجبل الأولمب, وكان هذا هو الجبل الذى ولد وشب عليه الإله الإغريقى زيوس.
ومع أن التمازج حدث فى ميادين شتى, إلا أن المؤرخين والشعراء بالغوا فى تقويم دوره, فقد تجاهلوا واقع الاستيلاء نفسه ووصفوا تاريخ الثقافة اليونانية بصفته عصرا واحدا ملك خلاله الملك الخرافى "مينوس", فكان مينوس فى تاريخ اليونان ملكا وإلها, وبقد قام ببناء دولة بحرية كبرى وبسط سلطانه على جزر وشبه جزر شرقى البحر المتوسط بل يفترض بعض المؤرخين أن نفوذه امتد ليشمل صقلية أيضا.
رسم مطابق للواقع من داخل قصر الملك مينوس, "قصر نوسوس"
وللأسف لا تتوفر مصادر مكتوبة فى تاريخ كريت إلا من زمن الاحتلال الآخى وما لحقه, فنظام الكتابة الكريتى قبل ذلك لا يزال لغزا عصيا على العلماء. ولقد امتد العصر الآخى فى تاريخ اليونان من العام 1500 حتى العالم 1100 قبل الميلاد, أما ما قبل هذا التاريخ فهو زمن الملك مينوس, وعليه فقد كان لدى الإغريق دينان وهما: الدين المينوسى, والدين الآخى.
ومثله مثل الأديان الأخرى فى العالم القديم, كان الدين المينوسى دينا بدائيا, فالإله الرئيس هو الإله زيوس أب الملوك ورب الأرباب, وحاكم جزيرة كريت, وهو والد الملك مينوس, والملك سربيدون, والملك رادامانثوس الذين أنجبتهم له الأميرة الكنعانية أوروبا. وتحكى الأسطورة أن زيوس كان قد تخفى فى صورة ثور ومضى خلف الأميرة إلى بلاد الكنعانيين خائضا غمار مغامرة صعبة من البحر الهائج, ولكنه نجح فى نهاية المطاف, فخطف الأميرة أوروبا وحملها إلى كزيرة كريت سليمة معافاة. وحسب الأساطير أن السلطة الملكية المقدسة والبنية الأولى للدولة خرجتا من اتحاد الإله -الثور والإلهة- البقرة, فقد ولد من ذاك الاتحاد ملك, وكانت سلطته مقدسة, ولكن لتسع سنوات فقط. أما بعد ذلك فقد كان ينبغى ترسيخ صلاحيات الملك, ولم يكن بمقدور أحد أن يفعل ذلك سوى الإله, وقد استمرت الفترة الثانية من حكم الملك عشر سنوات.
والثور كما هو معروف رمزا للخصوبة, والخصوبة هى مصدر الحياة بالمعنى الحرفى للكلمة, ولذلك كانت صور الثور مرسومة فى كل مكان: على الجدران, والأختام, والأبواب, و... وظهرت فى تلك اللوحات مشاهد مصارعة الثيران, فيبدو المصارعون على ظهور الثيران وقرونها يؤدون مختلف ضروب الحركات البهلوانية بينما تندفع الثيران مسعورة.
ولم تكن الثيران الحقيقية هى التى تظهر فى شعائر الزواج الطقوسى للإلهة - الأم, بل المصارعون.
أما دور الإله - الأم, فقد كانت تؤديه كاهنات آسرات الجمال. وقد ظهرت صورهن على اللوحات الجداية وهن عاريات الصدور, لكنهن يرتدين تنانير تغطى أقدامهن, وهذا ما يجعل مبدأ أسطورة المينوتافروس مفهوما, فقد كان هذا انسانا - ثورا عاش فى اللابيرينتيوم (التيه) وفرض أن تقد له ضحايا فتيانا وفتيات ليفترسهم, ولكن الأمير الشاب ثيسيوس قد خلص أثينا من تلك الاتاوة المذلة, إذ قتل الوحش.
لقد كانت الإلهة الأم هى الشخصية الإلهية الرئيسية فى كريت المينوية, إنها إلهة الخصب, ولكن تكن هذه سيدة الطبيعة البرية وحسبت, بل وسيدة ساكنى عالم البرية كلهم, فرسموا صورتها فوق قمة جبل عادة, رامزين بذلك إلى سموها فوق هذا العالم كله. أما الملك فهو على الرغم من منشئه الإلهى, إلا أنهم رسموا صورته عند سفح الجبل الذى تقيم الإلهة الام فوق قمته, عداك عن هذا أنهم رسموا صورة الملك منبطحا على الأرض.
وبعد أن قهر الآخيون الهلينيين, تعاملوا معهم بعقلانية تثير الإعجاب: حيث لم يمسوا ثقافتهم أو ديانتهم بأى أذى, بل اعتنق المسعتمرون عمليا ديانة المستعمرين, بيد أن أشياء كثيرة أعيد النظر فيها جذريا مع أنه لم يطرأ عليها أى تبديل يذكر من حيث الشكل. وهذا أمر طبيعى, لأن كان للآخيين أيضا آلهة, وكان العزوف عنهم أمرا فيه الكثير من "نكران الجميل", زد على ذلك أن هؤلاء الآلهة لم يكونوا دائما يشبهون آلهة الإغريق, أم لم يكن من السهل بتديل اسم الإله إلى اسم آخر (إغريقى) والإبقاء على وظائف عينها.
فالإله الآخى الأكبر ديفا لم يكن مماثلا لزيوس ولكنه من حيث وظائفه كان بشبه كثيرا الإله - الثور, إله الديانة الكريتية القبل الآخية. وكان إلهة الخصب ديفينيا هى زوجة ديفا. وفيما بد نقلت هاتان الوظيفتان فى اليونان إلى عدد من الإلهات, ففى كريت حملتها الإلهة "بريتومارتيس" ودعيت أيضا باسم ديكتينا, وكان لهذين الزوجين الإلهيين الساميين ابن يدعى "ديونيسيوس" إله الخصب وزراعة الكرمة, ولم يتحول الإله بوسيدون فورا إلى إله البحار, فقد كان اسمه قبل ذلك "بوسيداو" كان كان ثمة إلهة تدعى بوسيديو, وآخرى باسم "أيمايا" وكانت هذه نظيرة الإله "هرمس" إله التجارة.
كما كان هناك إله الحرب "أريس" الذى كان اسمه قبل ذلك إينيال, ولا شك فى أن هذه التفاصيل غير مهمة بالنسبة إلينا, فالواضح أمر واحد: مع اندماج الشعبين كان يندمج آلهتهما أيضا ويتحولون, ولكن التوافق التام فى عضون ذلك بين هؤلاء الآلهة وأولئك كان أمرا مستحيلا. فالآخيون مثلا لم يفارقوا بعض آلهتهم البلقانيين الذين يم يكن لدى الإغريق نظراء لهم, ومع ذلك تحول هؤلاء فيما بعد إلى آلهة عظام سكنوا الأولمب. ومن الملائم أن ننوه هنا إلى أن جبل إيدا فى كريت كان يدعى بجبل الأولمب, وكان هذا هو الجبل الذى ولد وشب عليه الإله الإغريقى زيوس.
تعليقات: 0
إرسال تعليق